الموت ليس شرا كله
ثم أنه سبحانة وتعالى فى المقابل مدح المؤمنين الذين أمنوا به أكرمهم فى الدنيا والأخرة وبين تعالى أن من فعل الصالحات ذكرا كان أو أنثى وهو مؤمن فسوف يجعلة يحيا حياة طيبة بالقناعة والرزق الحلال , وسوف يجزية فى الأخرة بجزاء أحسن أعمالة , وقد قيل : لاتطيب الحياة لأحد ألا فى الجنة , لأنها حياة خالدة بلا موت , وسعادة بلا شقاء .
{ اذن فالموت ليس شرا واذا كان الله أذل الجبابرة بالموت فيالة من مريح للخلق }
الرد على الدهريين
ولقد ذم الله تعالى الكفار الذين لم يؤمنوا بالبعث وقالوا : لاحياة الا هذة الحياة الدنيا , يموت بعضنا , ويولد بعضنا الى مالا نهاية , حيث لابعث ولانشور ولا قيامة ولا حشر . ولكن كان ردة سبحانه وتعالى عليهم بأن الأخرة هى دار الحياة الحقيقية التى لاموت فيها ولاتنغيص , وأن الحياة الدنيا هى التى تغر الناس بلهوها , ثم أنها سوف تنقضى بعد كل هذا وتزول وتفنى , فيرد الله على هؤلاء الدهريين .
ويقول تعالى : { وقالوا ان هى الا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين * ولو ترى اذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنت تكفرون * وقد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى اذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا ياحسرتنا على مافرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء مايزرون * وما الحياة الدنيا الا لعب ولهو وللدار الأخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون } [ الانعام : 29 – 32 ]
فهيهات لما يقول هؤلاء الكفار , فهذا هو الترتيب الالهى لحياة البشر . حياة دنيا ولهو ولعب ومتاع وشهوات وسهرات وملذات , ثم ...... موت ونشور وحساب . وليس كما يقول الدهرييون : ان هى الا أرحام تدفع وقبور تبلع وما نحن بمبعوثين .
فسبحان من له ملك الدنيا والأخرة .
ثم ان الانسان لايدرى ولايعلم مايحدث له فى الغد , كما لايدرى أين ولا متى يموت ولا فى أى مكان يقبر .
قال تعالى : { ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم مافى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسبت غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت ان الله عليم خبير } [ لقمان : 34 ] .
الموت نوعان
ان الله سبحانة وتعالى هو الذى يتوفى الأنفس ويقبضها من الأبدان عند فناء أجلها وهى الوفاة الكبرى , ويتوفى الأنفس التى لم تمت فى منامها , أى حين ينام الانسان وهى الوفاة الصغرى .
فالوفاة اذن تكون على وجهين :
أحدهما : وفاة كاملة حقيقية وتكون بمفارقة الروح الجسد وهو الموت .
والأخر : وفاة النوم , وذلك لأن النائم كالميت فى كونة لايبصر ولا يسمع , ولكن تفارقة الروح .
يقول تعالى : { الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى الى أجل مسمى ان فى ذلك لايات لقوم يتفكرون } [ الزمر : 42 ] .
ولكم فى القصاص حياة
ويجب أن نعلم أن الروح خلق الله وهى ملكه لا يتصرف فيها الا هو , من هنا فقد حكم الله سبحانه وتعالى بأن من يقتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا , وأن من تسبب فى بقاء حياتها واستنقذها من الهلكة والموت فكأنه أحيا جميع الناس .
قال تعالى : {من أجل ذلك كتبنا على بنى اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } [ المائدة : 32 ]
هذا وان من قتل نفسا ظلما وعدوانا بغير أن تستحق هذه النفس القصاص لقيامها بقتل بشر أو أن تقوم بفساد يوجب اهدار دمها كالردة عن الاسلام والرجوع الى الكفر والشرك , وقتل النفس بغير حق وزنى المحصن , وأيضا قطع الطريق بشروطة , فكأن من فعل هذه الجريمة الكبرى , وهى قتل النفس ظلما قد قتل جميع الناس وسن جريمة القتل , وجرأ الناس عليه .
والمقصود هو تعظيم قتل النفس ترهيبا عن التعرض لايذائها واعدامها , وترغيبا فى المحاماة عليها وصيانتها . فقد كان العرب يقولون قبل نزول القرأن ( القتل أنفى للقتل ) ولكن الله قال
وهو خير القائلين : { ولكم فى القصاص حياة ياأولي الألباب لعلكم تتقون }
[ البقرة : 179 ] .
لأن كل قتل ليس قصاصا .
أخيرا : فالحياة والموت فيهما كل العظات والاختبار والابتلاء , وقد أرشدنا الرسول الكريم (ص) أن نتعوذ من فتنتهما . فعن أنس بن مالك رضى الله عنه أنه قال : كان النبى (ص) يقول : " اللهم انى أعوذ بك من العجز والكسل , والجبن والهرم , أعوذ بك من عذاب القبر , أعوذ بك من فتنة المحيا والممات " .
{ و أكتفى بهذا القدر ولنا بأذن الله لقاء أن كان في العمر بقاء }
...::: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك :::...