http://www.aljazeerasport.net/NR/rdonlyres/07BA7D64-7AB7-4158-8F66-0DA480DAEF2E/90860/heads_B.jpgنجح الرجل القوي فرانك وليامس في تثبيت حضور بريطانيا في عالم الفورمولا وان، لكنه لم يكن وحده وراء هذا النجاح اللافت، إذ يعتبر باتريك هيد أحد أبرز الوجوه التي خطت هذا النجاح.
وباتريك هيد هو أفضل مدير تقني في فورمولا وان في الأعوام الـ25 الأخيرة، وقد سبق الآخرين بأشواط بفضل تركيزه على الهندسة المتطورة.
وتبدو نسبة سرعة تقدم فورمولا وان كالرياح، وعلى مهندسي باتريك هيد أن يحسنوا السيارة يومياً أو يجازفوا في خسارة عملهم، ففي الأساس فورمولا وان هي عبارة عن أبحاث وتنمية.
ويقول غايفن فيشر مدير التصميم في فريق وليامس "لسنا في مجال إنتاج العشرات أو المئات من سيارات السباق، بل نحن في مجال إنتاج نموذج واحد وتحسينه أكثر فأكثر ويوماً بعد يوم".
في العام 1969، جمع فرانك وليامس ما يكفي من المال لإدخال سيارة واحدة إلى الفئة الأولى، إذ بحسب قول الصحافي موريس والكر "كان مكتب فرانك عبارة عن كابينة هاتف لم يكن يملك المال الكافي لشراء هاتف وكان يتصل بالناس وينتظر خارج كشك الهاتف ليعاودوا الاتصال به فهو يدرك حقاً قيمة المال".
أول سائق استخدمه كان صديقاً شخصياً يدعى ايتونيان بيرس كوراج، الذي أنهى موسم 1969 باحتلاله المركز الثامن في بطولة السائقين بجدارة، لكن في العام التالي وخلال سباق هولندا وقعت الكارثة، إذ تعرض كوراج لحادث مرعب وتدحرجت سيارته وبقي مسجوناً فيها والنار تتأكلها. انهار فرانك وليامس لفقدانه صديقه لكنه لم يتخل عن هوسه قائلاً: "أنا سائق سباقات لطالما استمتعت بذلك. السباق هو كل ما أفكر فيه، أكون سائقاً وميكانيكياً، إنها متعتي بكل بساطة، السباقات هي جزء من حياتي، بل هو حياتي بكاملها ولم أواجه يوماً صعوبة في المضي قدماً ولا أتخيل أبداً أنني أقوم بنشاط غير هذا بحياتي".
على مدى المواسم التالية كافح وليامس مستعيناً بسائقين من الدرجة الثانية يقودون سيارات من الدرجة الثالثة، لكنه بنى فريق فورمولا وان وحضره للفوز ببطولة العالم بعد أن كان حطاماً وبقايا من وقفات التصليح في السبعينيات.
لكن في أواخر السبعينيات تحسنت أحوال فرانك المادية تحسناً ملموساً، بعد أن علم بأن العائلة السعودية المالكة قد تكون مهتمة بتمويل فريقه فوصله خبر تواجد الأمير محمد ثاني أولاد الملك في لندن، فما كان منه إلا أن يترك سيارته في موقف الباصات أمام الفندق الذي ينزل فيه الأمير، أعجب الأمير بفرانك لتصبح شركة الأمير التجارية" البلاد" من أهم الممولين.
ومن حسن حظ فرانك أنه التقى بمصمم محركات شاب يدعى باتريك هيد، فتماشت مهارة هيد التقنية مع براعة وليامس في إدارة الأعمال فشكلا شراكة مميزة.
ويقول باتريك هيد "لم أظن يوماً أن عمل تصميم سيارات السباق سيؤمن لي معيشتي، كنت أود العمل في سباق السيارات لكنني ظننتها مهنة لن تدر علي بالمال، لذا تخيلت أن أعمل فيها لمدة قصيرة، ثم أحصل على عمل محترم في الهندسة كتصميم الغسالات أو أي آلات أخرى يستفيد منها العالم".
من جهته، يصف وليامس شراكته التاريخية مع هيد، قائلاً: "حتى مجيء باتريك هيد كنت مشوش الأفكار ولم أحقق أي نجاحات بل واجهت لحظات مضحكة من الفشل في نظر بعض الأشخاص، لكنني استمتعت جداً بالشراكة، حتى من الناحية الشخصية، فتجمعنا الكثير من الاهتمامات المشتركة واهم صلة هي هذه الرياضة التي تدعى فورمولا وان".
عام 1979، وبعد مئة محاولة فاز وليامس بأول سباق فقال عامذاك "لا أعلم عدد السباقات التي شاركت فيها حتى ذلك اليوم، لكني شعرت حقاً بأنني سعيد جداً، كما شعرت بالخجل لأني تأخرت على الفوز، كان ذلك نقطة تحول في حياتي".
اقتحام ايكليستون عالم فورمولا وان
في العام عينه الذي عاد فيه وليامس بعد الحادث المروع الذي عاناه، حصل أمر آخر كان له الأثر الأكبر على فورمولا وان، وهو اقتحام بيرني ايكليستون لعالم الفئة الأولى الذي كان نائب المدير المسؤول عن الترويج لمجلس إدارة الرياضة، وما لبث أن أصبح مالك الحقوق التجارية فيها واهم الأشخاص في تاريخها واحد أبرز أغنياء بريطانيا.
ويمكن اعتبار أن ايكليستون لا يدير فورمولا وان بطريقة ديمقراطية، إذ أنها بالنسبة له مجتمع لأفضل مندوبي البيع في العالم، وهو الذي بدأ ببيع الدراجات النارية والسيارات المستعملة، ثم أصبح رجلاً فاحش الثراء، ما يجعل الكثيرين يخافون منه لاسيما أنه شق طريقه بدقة تامة.
قبل شراء ايكليستون فريق بربهام عام 1971 أصبح أمين سر جمعية مصممي فورمولا وان المعروفة باسم فوكان، وقد أسست هذه الجمعية لتمثيل عمال محلات تصليح السيارات البريطانيين.
إنه رجل يتمتع ببصيرة بعيدة فعندما دخل عالم فورمولا وان اتضح له بسرعة أن فريق بربهام الذي ابتاعه لم يكن يتمتع بإدارة جيدة، لكن بسلطته الفريدة أدار الفريق بحكمة كبيرة، وحصد نجاحاً كبيراً لينال ما يستحقه وأكثر فتحول إلى شخص ثري جداً كما يفعل أي محتكر وهذا ما كان عليه فعلاً لكنه فهم منذ البداية أن الفرق بحاجة للتحرك حقاً لكي تحصل على نصيبها من المال.
عام 1987 وبعد مضي ثلاث سنوات اتسمت بحرب ضروس مع الاتحاد الدولي لرياضة السيارات "فيا"، حصل ايكليستون على حق التفاوض في عقود النقل التلفزيوني ثم احكم قبضته على الرياضة عبر انجازاته في تأمين حقوق الترويج للفورمولا وان للسنوات المئة القادمة، إذ يشارك الآن رؤساء الفرق الأرباح، ويتمتع معهم بقالب الحلوى، إذ أغوت عبقرية بيرني اكليستون أكبر شركات العالم إلى حلقة المال والإعلان والتقنيات العالمية لكنه من دون شك نجح في تحويل فورمولا وان إلى "سلعة" عالمية وأكمل صفوف "فرسان بريطانيا الثلاثة" مع وليامس وهيد.